كتبت محتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبدت الجمل جيدة… لكن مديرك قال: “هذا كلام إنشائي”. لماذا؟ لأن النموذج لم يفهم السياق.
مررت بذلك من قبل؟ لست وحدك.
الذكاء الاصطناعي قوي، لكنه لا يقرأ نواياك. وإذا لم تعطه السياق الصحيح، فسوف يقدم لك “أفضل تخمين” بدلاً من “أفضل إجابة”.
وهنا تأتي أهمية هندسة السياق — التقنية التي تجعل الذكاء الاصطناعي يفكر كخبير، يتحدث بلغتك، ويقدم محتوى دقيقًا ومتماسكًا.
ما هي هندسة السياق؟ ولماذا لا تكفي هندسة الأوامر وحدها؟
هندسة الأوامر (Prompt Engineering) هي فن كتابة السؤال المناسب بالطريقة المناسبة.
أما هندسة السياق (Context Engineering) فهي علم بناء العالم المصغر الذي يرى من خلاله الذكاء الاصطناعي السؤال نفسه.
إنها تشمل:
- من هو النموذج؟ (تعليماته أو شخصيته)
- ما الذي يعرفه؟ (ملفات أو مصادر معرفة)
- ماذا قلنا له سابقًا؟ (تاريخ المحادثة)
- ما الذي نطلبه الآن؟ (السؤال أو المهمة)
تخيل أنك توظف مساعدًا بشريًا. لن تقول له فقط “اكتب منشورًا تسويقيًا”، بل ستزوده بالمستندات، والأهداف، والأمثلة السابقة. هذا تمامًا ما تفعله هندسة السياق… ولكن مع نموذج لغوي.
لماذا تحتاج هندسة السياق اليوم؟ ثلاث فوائد رئيسية
1. دقة أعلى، وهلوسة أقل
عندما تزود النموذج بالبيانات ذات الصلة، فإنه يعتمد على حقائق واقعية بدلًا من المعرفة العامة، ما يقلل من خطر “اختلاق المعلومات” (Hallucination).
مثال: بدلًا من أن تسأله:
ما مزايا منتجنا الجديد؟
اسأله بعد رفع ملف المنتج:
ما أبرز 3 مزايا في صفحة 4 من كتيب المنتج؟
2. حوار متماسك بفضل “الذاكرة المؤقتة”
في المحادثات الطويلة، يحتاج النموذج إلى تذكر ما قيل سابقًا. هندسة السياق تتيح لك تغذية النموذج بتاريخ المحادثة بحيث يبني رده على سياق سابق وليس من الصفر.
3. تحويل النموذج العام إلى خبير متخصص
بمجرد غمر النموذج بمصادر متخصصة، يمكنه تقمص شخصية خبير قانوني، أو طبيب، أو محلل بيانات.
يمكنك استخدامه لتحليل العقود، تلخيص تقارير معقدة، أو كتابة محتوى بلغة السوق التي تعمل بها.
كيف تعمل هندسة السياق؟ الأركان السبعة باختصار
| الركن | الوصف |
|---|---|
| 1. التعليمات (System Prompt) | تعريف دور النموذج وسلوكه |
| 2. سجل المحادثة | توفير السياق التراكمي لما سبق |
| 3. الأمثلة (Few-shot) | تدريب مصغر بإعطاء نماذج سابقة |
| 4. مصادر المعرفة | ملفات أو قواعد بيانات مخصصة |
| 5. طريقة الاستدعاء (RAG) | آلية جلب البيانات الخارجية لحظة السؤال |
| 6. التحكم في النبرة والأسلوب | صياغة التوقعات بشأن اللغة المستخدمة |
| 7. تتبع الأهداف (للوكلاء الذكيين) | حفظ المهمة العامة وتفاصيلها خطوة بخطوة |
كيف تبدأ بتطبيق هندسة السياق؟ خطوات عملية للمبتدئين
1. استخدم التعليمات المخصصة (System Instructions)
مثال:
أنت مساعد متخصص في كتابة المحتوى التقني بأسلوب بسيط موجه لغير المتخصصين. أجب على شكل نقاط واضحة وبنغمة احترافية.
2. قدم أمثلة قبل طرح الطلب
مثال:
سأعطيك منتجًا، وأريدك أن تكتب له شعارًا.
مثال:
المنتج: قهوة سريعة التحضير
الشعار: صباحك في لحظة
الآن المنتج هو: شوكولاتة صحية
3. ارفع ملفًا واترك له مهمة محددة
مثال:
هذا ملف تقرير الأداء. أخبرني بالنسب المذكورة في قسم المبيعات للربع الأول والثاني فقط.
التحديات التي لا يخبرك بها أحد
- السياق محدود بالحجم: لا يمكنك تحميل آلاف الصفحات دفعة واحدة، بل تحتاج إلى اختيار ما هو “الأكثر صلة”.
- التحديث اليدوي متعب: في بعض التطبيقات، عليك تحديث السياق يدويًا مع كل سؤال.
- خطر التحيز: إذا غذيت النموذج بمصدر واحد فقط، فقد يعكس تحيزه دون أن تدري.
- أدوات السياق المتقدمة تتطلب إعدادات تقنية: مثل استخدام RAG أو واجهات برمجة التطبيقات المخصصة.
لمن هذه التقنية؟ وهل تناسبك؟
هندسة السياق ليست فقط للمبرمجين، بل لكل من:
- يدير فريق تسويق رقمي أو يكتب محتوى بشكل يومي.
- يريد تدريب الذكاء الاصطناعي على مواد شركته أو منتجاته.
- يسعى لتقليل الأخطاء في تقارير وتوصيات الذكاء الاصطناعي.
- يطمح لتخصيص تجربة العملاء عبر بوتات ذكية تتذكر وتتفاعل بذكاء.
الخلاصة: الذكاء الاصطناعي لن يصبح ذكيًا إلا إذا فهم ما تعرفه أنت
لا يكفي أن تسأل الذكاء الاصطناعي… بل يجب أن تُعلمه قبل أن تُطالبه.
هندسة السياق هي المهارة التي تحول النموذج من آلة عامة إلى مساعد متخصص. ومع القليل من التجربة، ستجد أنها ليست تقنية نخبوية، بل أداة يومية تضاعف إنتاجيتك وجودة قراراتك.
هل ترغب في دليل عملي أو قالب جاهز يطبق هندسة السياق في مجالك؟ ضع تخصصك في التعليقات علي صفحتنا في الفيسبوك وسأبنيه لك خطوة بخطوة.